يدين مجلس جنيف للحقوق والحريات استمرار استخدام القوة المفرطة والمميتة لقمع تظاهرات سلمية تنادي بالحكم الديمقراطي في السودان ، فقد قتلت قوات الأمن السودانية، ثمانية متظاهرين وأصابت مئات آخرين، خلال أقل من 72 ساعة.
ففي أحدث عمليات القمع، قتلت قوات الأمن السوداني مساء الأحد الموافق 2 يناير الجاري، ثلاثة متظاهرين في مدينة أم درمان وأصابت العشرات بعدما استخدمت القوة لتفريق محتجين كانوا في طريقهم إلى القصر الرئاسي بالخرطوم. وتظاهر الآلاف في الخرطوم ومدن أخرى في إطار ما سمي “مليونية الشهداء” للمطالبة بحكم مدني وإدانة قتل المتظاهرين خلال احتجاجات الأسبوع الماضي.
ولاحقًا، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استقالته من منصبه بعد أن باءت محاولاته للخروج من الأزمة السياسية الراهنة بالفشل. ومساء الخميس 30 ديسمبر 2021، قتلت قوات الأمن السوداني خمسة متظاهرين وأصابت نحو 300 خلال محاولتها سحق تظاهرات خرجت في أرجاء متفرقة من البلاد مطالبة بعودة الحكم الديمقراطي للبلاد.
وأقرت الشرطة السودانية -في بيان- بمقتل 5 متظاهرين وإصابة 298 آخرين و53 شرطيا خلال مظاهرات الخميس.
وفي حين أكد شهود عيان أن قوات الأمن والجيش أطلقت الرصاص وقنابل الغاز لفض التجمعات السلمية ووظفت عنفًا غير متناسب أفضى لسقوط القتلى والجرحى، ذكر بيان الشرطة أن “مشاركة المتفلتين وأصحاب الغرض وسط المتظاهرين جنحت بهم للتخريب والاعتداء على القوات الأمنية بتكتيك واضح ومنظم يدل على مشاركة محترفين”.
وشهدت الخرطوم وعدد من مدن البلاد مظاهرات كبيرة دعا إليها “تجمع المهنيين” و”لجان المقاومة” تنديدا بالاتفاق السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك، وللمطالبة بعودة الحكم المدني الديمقراطي.
وعلى هامش عمليات القمع، هاجمت قوات الأمن مكتب قناتي العربية والحدث السعوديتين ومكتب قناة الشرق السعودية في السودان واحتجزت مراسلتيها مها التلب وسالي عثمان قبل أن تفرج عنهما بعد ساعات.
ووفق القناة؛ فإن مجموعة من ضباط الأمن بزي نظامي احتجزوا الصحفيتين ومن معهما من طواقم في مكتب الشرق، وذلك بعد نحو ساعة ونصف من منع الزميلة سالي من استكمال البث المباشر” لتغطية المظاهرات.
وفجر الجمعة 31/ ديسمبر 2021، اقتحمت قوات الأمن السودانية\ مستشفيي “شرق النيل” و”الخرطوم التعليمي” بقوة السلاح، للسؤال عن المصابين واعتقالهم على خلفية مشاركتهم في احتجاجات الخميس، وفق ما أفادت به لجنة الأطباء في السودان.
وأكدت اللجنة أن قوات الأمن أطلقت الغاز المدمع داخل قسم الطوارئ، مما أدى إلى حالات اختناق وسط المرضى والطواقم الطبية. ونشرت اللجنة على صفحتها الرسمية في فيسبوك مقطع فيديو لما قالت إنه إطلاق غاز داخل قسم الطوارئ.
وكانت السلطات استبقت المظاهرات بإغلاق معظم الجسور والشوارع الرئيسية المؤدية إلى القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي، كما قطعت الإنترنت وشبكة الاتصال الهاتفي.
وتتواصل الاحتجاجات في البلاد رفضاً لما يوصف بـ”الانقلاب العسكري” في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي واتفاقية 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي التي أبرمها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك.
وتشهد حالة حقوق الإنسان في البلاد تدهورًا كبيرًا منذ هذا التطور، حيث تكرر في الأسابيع الأخيرة تنفيذ عمليات قمع وحجز واعتقال تعسفي وقمع للحريات الإعلامية والعامة، واستخدام القوة في قمع التظاهرات، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا. وارتفعت حصيلة القتلى جراء الحملة الأمنية ضد المحتجين منذ اكتوبر المنصرم إلى 52 شخصا بالإضافة إلى مئات الجرحى، بحسب لجنة الأطباء المركزية المؤيدة للمحتجين.
وإذ يدين مجلس جنيف عمليات القمع الممنجهة للتظاهرات السلمية في السودان، فإنه يطالب بفتح تحقيق فوري ومستقل وشفاف في عمليات القتل ومجمل عمليات القمع وتقديم المتورطين فيها بما في ذلك المسؤولين عن إعطاء الأوامر والتوجيهات للعدالة. ويحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا لضمان التزام السلطات الحاكمة بالسودان بقواعد ومواثيق حقوق الإنسان، وضمان حماية الحريات في البلاد ودعم عودة البلاد للحكم المدني الديمقراطي.