يعبر مجلس جنيف للحقوق والحريات عن بالغ قلقه للمعلومات المتداولة عن تعرض الناشط المغربي شفيق العمراني للتعذيب بعد اعتقاله فور وصوله إلى بلاده على خلفية ما ينشره من فيديوهات على الانترنت، ويطالب بالإفراج الفوري عنه احتراماً لحرية الرأي والتعبير.
واعتقلت السلطات المغربية الناشط شفيق العمراني في 6 فبراير الجاري، فور وصوله إلى مطار الرباط سلا قادما من بلجيكا، علما أنه كان يقيم في الولايات المتحدة الأميركية، ولاحقا عرض العمراني أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، ووجهت له النيابة اتهامات بـ”ارتكاب أفعال تكتسي صبغة جرمية، بنشره مجموعة من الفيديوهات تتضمن عبارات مسيئة ومهينة في حق مؤسسات دستورية وهيئات منظمة وموظفين عموميين. وأجلت المحكمة النظر في ملفه إلى 25 الشهر الجاري في مؤشر على انتهاج سياسة التأجيل لمحاكماته كما تعود عليه القضاء المغربي في تعامله مع المعتقلين من النشطاء والحقوقيين بالمملكة.
والعمراني ناشط معروف على موقع يوتيوب بلقب عروبي (بدوي)، واشتهر ببث مقاطع من مقر اقامته بأميركا تنتقد الأوضاع في المغرب، ونشر فيديو على صفحته من مطار “شارل لوروا” في بلجيكا أعلن فيه ساعة وصول رحلته إلى المغرب، وحمل الأجهزة الأمنية في بلاده مسؤولية ما قد يتعرض له من مضايقات عند وصوله إلى بلده. وكشف في الفيديو عن تعرضه لتهديدات عدة تنبهه إلى ما قد يلحق به من أذى في حال عودته إلى المغرب. ووفق محمد العمراني، شقيق الناشط الحقوقي المعتقل بسجن عين السبع ـبالدار البيضاء، في تدوينة على حسابه الخاص على “فيسبوك”، أن شقيقه “أدخل إلى المحكمة وهو لا يقدر على المشي وسقط أرضا.. حملوه وأدخلوه”.
وذكر أن العائلة منعت من التواصل مع ابنها المعتقل، قبل أن تعلمهم محاميته بتأجيل جلسة محاكمته إلى يوم 25 فيفري وأنه أعلن خوض إضراب مفتوح عن الطعام منذ اعتقاله. من جهته، أوضح وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في بلاغ، أن المعني بالأمر “كان مبحوثا عنه من أجل الاشتباه في ارتكابه أفعالا تكتسي صبغة جرمية، بنشره لمجموعة من الفيديوهات تتضمن عبارات مسيئة ومهينة في حق مؤسسات دستورية وهيئات منظمة وموظفين عموميين”.
وذكرت النيابة أن “البحث لا يزال جاريا في مواجهته تحت إشراف النيابة العامة، في احترام تام للمساطر القانونية”.
وفي الوقت الذي يعبر مجلس جنيف عن قلقه أن تكون الحالة الصحية المتدهورة التي ظهر عليها خلال عرضه أمام المحكمة ناجمة عن تعرضه للتعذيب والتنكيل، فإنه يرى أن اعتقاله يأتي في إطار سياسية تلفيق التهم التي اعتادت عليها السلطات الأمنية المغربية لإسكات المعارضين السلميين وأصحاب الرأي السياسي المخالف.
ويشدد المجلس على أن نشر مقاطع فيديو ذات طابع انتقادي للأوضاع السياسية في البلاد، يندرج ضمن الحق في حرية الرأي والتعبير، وهو لا يشكل جريمة بموجب مواثيق حقوق الإنسان، وبالتالي يكون اعتقاله تعسفيا، ومخالفا لأصول القانون. ويشير مجلس جنيف إلى المعطيات التي وثقتها منظمات حقوقية في المغرب حول اعتقال ومحاكمة السلطات المغربية ما لا يقل عن 10 نشطاء، أو فنانين على خلفية التعبير السلمي عن آراء وتوجيه انتقادات عبر الانترنت، منذ أيلول/سبتمبر 2019.
وجرت العادة على توجيه تهم فضفاضة وذات صبغة سياسية مثل “الإساءة لمؤسسات دستورية” و”إهانة موظفين عموميين أثناء أدائهم لواجباتهم”. وبناء على ذلك، يطالب مجلس جنيف للحقوق والحريات بالإفراج الفوري عن الناشط المغربي المعتقل، وفتح تحقيق في المعلومات الواردة عن تعرضه للتعذيب، ووقف سياسة الاعتقال على خلفية حرية الرأي والتعبير.