يدين مجلس جنيف للحقوق والحريات، اعتقال السلطات المصرية ثلاثة نشطاء من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على رأسهم المدير التنفيذي للمبادرة علي جاسر عبد الرازق، ويطالب بالإفراج الفوري عنهم، ووقف الملاحقات الممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
ففي 19 نوفمبر الجاري، اعتقلت قوات الأمن المصرية المدير التنفيذي لـ “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” علي جاسر عبد الرازق بعد مداهمة منزله في القاهرة ونقلته إلى وجهة مجهولة. وجاء الاعتقال بعد يوم من اعتقال الأمن المصري كريم عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة، في مدينة دهب بجنوب سيناء. وكانت قوة أمنية مصرية اعتقلت فجر 15 نوفمبر الجاري اعتقلت المدير الإداري للمبادرة محمد بشير من منزله.
ووفق ما أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإنه بعد التحقيق معه في أحدى مقرات أمن الدولة خارج القاهرة، وبعد مرور 24 ساعة على اعتقاله، جرى تحقيق مع كريم عنّارة بعد ظهر الخميس 19نوفمبر الجاري أمام نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة.
وبعد التحقيق لمدة أربع ساعات، أمرت النيابة بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية 855 لسنة 2020 ووجهت له الاتهامات التالية: الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، و استخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، و إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة.
وقبل ذلك كانت نيابة أمن الدولة العليا قد حققت مع بشير، المدير الاداري، ووجهت له عدّة تهم من ضمنها “الانضمام لجماعة إرهابية” و”ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب”، وأمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق بعد ضمه لذات القضية. واستندت تلك الاتهامات على ما وصفته تحريات الأمن المصري أنه ” المشاركة والاتفاق مع جماعة إثارية داخل السجون بهدف ترويج شائعات من شأنها تكدير السلم والأمن العام”.
يذكر أن القضية رقم 855 لسنة 2020 تشمل العديد من المعتقلين من أشهر دون محاكمة، من بينهم مدافعون حقوقيون ومحامون مثل محمد الباقر وماهينور المصري، وصحفيون مثل إسلام محمد، وأستاذ العلوم السياسية حازم حسني. وجاءت هذه الاعتقالات في سياق حملة تحريض وتشويه ضد المؤسسات الحقوقية في عدد من وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو المعروفة بقربها من الأجهزة الأمنية، بالتوازي مع حملات الملاحقة والاعتقال المستمرة.
يشار إلى أنه أنه 25 أغسطس 2020، أصدرت الدائرة الخامسة “إرهاب”، حكما غيابيا بحق مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، بالسجن المشدد 15 عامًا؛ بدعوى اتهامه بنشر أخبار كاذبة وإهانة القضاء والتحريض ضد الدولة.
ويرى مجلس جنيف، أن هذه الاعتقالات والاتهامات، ما هي إلاّ قرارات سياسية غلفت بإطار قانوني شكلي، ضمن عملية ملاحقة ممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان؛ لمحاولة تكميم الأفواه وإخراس الأصوات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة في الدولة المصرية والتي تعاظمت خلال السنوات الماضية.
ويشير إلى أن الحملة ضد المبادرة المصرية جاءت بعد نشاطها وعملها على عدد من الملفات على رأسها مراقبة أوضاع أماكن الاحتجاز والسجون، خصوصًا في ظل جائحة كوفيد -19، ورصدها للمعدلات غير المسبوقة لإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، بخلاف رصدها وتوثيقها لوقائع العنف الطائفي والتمييز ضد النساء. كما جاءت الحملة الحالية على ما يبدو عقب لقاء عقد في مقر المبادرة يوم 3 نوفمبر الجاري مع 13 سفيرًا ودبلوماسيا معتمدين في القاهرة من أجل استعراض أوضاع حقوق الإنسان.
وإذ يعبر مجلس جنيف للحقوق والحريات عن تضامنه مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإنه يطالب السلطات المصرية بإطلاق فوري للمعتقلين الحقوقيين، وإلغاء الأحكام الجائرة ضدهم واعتبارها كأن لم تكن، وتوفير ضمانات حقوقية لتسهيل عمل المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان، في مراقبة ورصد حالة حقوق الإنسان؛ باعتبار ذلك أحد متطلبات الحكم الرشيد. ويدعو المجلس المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ميشال فورست، إلى تفعيل الآليات الدولية اللازمة للضغط على الدولة المصرية؛ لوقف ملاحقتها لعموم المدافعين عن حقوق الإنسان، وتمكينهم من أداء أدوارهم بكل حرية ومسؤولية.